أخبار على مدار 24/24

تابعنا

vendredi 9 octobre 2015

التصنيف:

قصة رجل الأعمال يسعد ربراب

ربراب..من المحاسب البسيط إلى صاحب "إمبراطورية" الزيت والسكر
أضحى يسعد ربراب، رجل الأعمال ورئيس مجمع "سيفيتال"، منذ سنوات، وفي الأيام الأخيرة على وجه الخصوص، محط اهتمام الإعلام المحلي والدولي، فالرجل الذي بدأ حياته المهنية محاسبا ارتقى سريعا
في سلم الأعمال ليتحول إلى أحد أكبر أصحاب الثروات في القارة الإفريقية، حسب تصنيف مجلة "فوربيس". ولم يتوقف طموح رجل الأعمال الجزائري في نطاق التراب الوطني، بل تعداه إلى أهم القارات، بداية بأوروبا، حيث احترف ربراب في إنقاذ مؤسسات آيلة للإفلاس أولها شركة "أوكسو" للأثاث و«فاغور برانت" في مجال التجهيزات الكهرومنزلية، وأخيرا شركة "لوشيني" الإيطالية للحديد والصلب.
يسعد ربراب من مواليد 27 ماي 1944 بمنطقة ثاغمونت عزوز، إحدى القرى الواقعة ببلدية أيت محمود بدايرة بني دوالة ولاية تيزي وزوو، وهي إحدى أهم القرى على التلال بين سهول تيزي وزو وواضية. نشأ وسط أسرة متواضعة، وتدرج في دراسته ملتحقا بالتعليم المهني ومتخصصا في المحاسبة والقانون التجاري. بدأ النشاط في أشغال حرة، كان أهمها توظيف ظرفي في مؤسسة "يونيليفر" في مصنع لمواد التنظيف بالرغاية، لكنه سرعان ما تخلى عنه ليقوم عام 1968 بإنشاء مشروعه الحر الأول، وتمثل في فتح مكتب خبير محاسبة، بعد أن عمل في 1964 محاسبا لدى شركة "آغفا كولور" بديدوش مراد بالعاصمة.
ويقول ربراب في معرض حديثه عن أول تجربة له "كنت أطمح إلى تحسين وضعيني المالية، ولم يكن ذلك بالأمر البديهي أول الأمر، بدأت بإجمالي مداخيل قدرت بـ1200 دينار شهريا، وكنت أدفع إيجارا شهريا بـ130 دينار ولكن كنت أعمد على تحسين دخلي، وأذكر أنني كنت في نهاية 1969 أحقق مبلغ 10 آلاف دينار في الشهر". بعدها ازداد طموح ربراب وقرر في سنة 1974 تكليف صهره بتولي شؤون ديوان المحاسبة ليخوض هو غمار عالم الصناعة.
بداية المغامرة في مجال الأعمال
في بداية سنوات السبعينيات، بدأ حس الشاب ربراب يتجه إلى الأعمال؛ حينها، يقول هذا الأخير، إن أحد زبائنه تقدم له بمقترح لشراء حصصه في إحدى الشركات المتخصصة في البناء بالخرسانة الحديدية أو المعدنية، كانت هذه المغامرة التي وضع فيها الشاب ما اقتصده من مال أول خطوة له في عالم سيفتح له آفاق واسعة ويحوّله إلى أحد أهم رجال الأعمال في البلاد بعد عدة سنوات.
وضع ربراب رجله في عالم الأعمال في سنة 1971، مع شراء حصص شركة "سوتيكوم" المتخصصة في البناء بالخرسانة المعدنية، ولكنه لم يتوقف عند ذلك الحد، إذ كما يقال "الشهية تأتي مع الأكل"، لذلك عمد مع نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات إلى التوسع في مجال التخصص، وإثر ذلك أسّس ربراب أول شركة له سنة 1975 ممثلة في "بروفسلور"، التي عرفت نموا وتطورا متسارعين ما بين 1975 و1979، واستغل ربراب نمو شركته لحيازة مؤسسات أخرى متخصصة في تحويل الحديد والمعادن، ويكون محصلة ذلك إنشاء مجموعة "ميتال سيدار" سنة 1988 التي دخلت الإنتاج في سنة 1992، ليتحول ربراب إلى أحد أهم الصناعيين في مجال البناء بالخرسانة المعدنية.
ولكن تشاء الأقدار أن تكون مشاريعه الوليدة ضحية وضع مأساوي عرفته الجزائر مع بداية سنوات العنف والإرهاب خلال التسعينيات، حيث طال التخريب ثلاث منشآت أحرقت بشكل كامل. فقد قامت عناصر مسلحة في جانفي 1995 بالتسلل داخل المؤسسة ووضع قنابل، حولت جزءا من مركبه إلى حطام، ما دفع رجل الأعمال إلى غلق تلك الوحدة الصناعية. لما أحس ربراب حينها بعدم الأمان وبالتهديد، غادر الجزائر باتجاه فرنسا لعدة أشهر، ولكنه عاد بعدها ليؤسس لأهم مشروع له، ويتعلق الأمر بمجموعة "سيفيتال" بداية من 1998 في مدينة بجاية.
الرحلة الباريسية
في سنة 1995، شد ربراب الرحال إلى العاصمة الفرنسية باريس متأثرا بمحاولة اغتيال استهدفته وإحراق لأهم مشروع صناعي له، تسبب في ضياع ملايير الدينارات، ليبدأ مشواره من جديد، من الصفر تقريبا، كما يقول رجل الأعمال، عبر مشروع "قصابة حلال" في باريس دخله بقرض انتهى به المطاف بأن تحول إلى المالك الوحيد للمشروع في 1996، ليتوسع بعدها في مشروعه من خلال شراء قصابات أخرى، وفي تلك الفترة، وفي سياق تدابير تحرير التجارة الخارجية، دخل ربراب غمار عمليات استيراد السكر، ليتحول في ظرف زمني قصير إلى مستورد كبير لمادة إستراتيجية، ولكن مع ذلك واجهت رجل الأعمال مطبات وعقبات جعلته يقتنع بضرورة إقامة مشروع صناعي بدل الاقتصار على الاستيراد الصرف.
من قصابة "حلال" بفرنسا إلى إمبراطورية الزيت والسكر
حاول ربراب إنشاء شركته الخاصة في ميناء العاصمة، ولما اصطدم بالرفض توجه إلى بجاية، فكان له ذلك بداية من 1998، حينها اختار التخصص في إنتاج السكر والزيت وعرفت شركته تحت تسمية "سيفيتال"، وتحول المصنع إلى مركّب، وأهم فرع للمجموعة، ممثلا 65 في المائة من رقم الأعمال. ومع الفراغ المسجل في سوق السكر والزيت تحوّل ربراب بسرعة إلى أهم منتج للمادتين في السوق، لاسيما مع تراجع الشركات العمومية واضمحلال حصتها في السوق، ما جعل البعض يرى فيه من الحالمين لتأسيس إمبراطورية اقتصادية أو احتكار السوق، وجعل ذلك يجلب له الأضواء والمتاعب أيضا، لاسيما بعد أزمة سنة 2011، التي كانت شرارتها ندرة المادتين.
ومع صعود نجم رجل الأعمال الجزائري، بدأت أيضا تثار مسألة "من يقف وراء ربراب؟"، أو من يدعمه في دوائر السلطة النافذة وصانعي القرار، حيث ظل الجدل قائما رغم النفي المتكرر لربراب، وتأكيده بأن مشاريع كثيرة ظلت حبيسة الأدراج والبيروقراطية، ولو كان الأمر كذلك لما كان مصيرها النسيان.
وأضحت "سيفيتال" بعد سنوات 2000 من أكبر الشركات والمجمعات الصناعية في الجزائر، فقد بلغت قدرة إنتاج السكر قرابة مليوني طن، مقابل 450 ألف طن لإنتاج الزيوت.
الانتقال إلى العالمية
لم يكن ربراب ليكتفي بالسوق الجزائرية، فبدأ بتصدير منتجاته إلى الخارج، ولكن سرعان ما بدا اهتمام رجل الأعمال أكبر وطموحه أوسع من ذلك، حيث بدأت طموحاته تنكشف مع 2010، حيث بدأ في وضع استراتيجية توسع إلى أوروبا وإفريقيا، مقترحا إقامة مرافئ ومصانع وتوسيع نطاق الشراكة في المجال الصناعي، وارتأى ربراب تعويض ما يلقاه من صعوبات في تجسيد بعض مشاريعه في الداخل، على غرار مشروع "رأس جنات" الذي كان يتضمن مركّبا للسيارات والحديد والصلب ومرفأ، وكانت السودان وجيبوتي وكوت ديفوار محطات في سياسة انتشار أريد أن يمتد حتى للقارة الأمريكية بدءا بأمريكا الشمالية والبرازيل.
وفي سنة 2012 حاول رجل الأعمال الجزائري حيازة العملاق الفرنسي للدجاج "دوو"، لكن العملية فشلت، ولم يتوقف مسعى ربراب عند ذلك الإخفاق، حيث قدم عروضا متنوعة للحصول على الشركة الإسبانية "ألومنيوم ألاس" والفرنسية "أوكسو" للأثاث و«فاغور برانت" لصناعة الأجهزة الإلكترونية التي تكللت بالنجاح سنتي 2013 و2014، ليصل ربراب إلى إيطاليا من خلال إبرام صفقة مصانع الحديد "لوشيني" بمنطقة بيومينو.
ربراب الذي خاض غمار تجارب الشراكة أيضا من خلال التحالف مع العملاق الكوري الجنوبي "سامسونغ" وتأسيس شركة "سامحة" تخلى عنها بعد اتفاقية "فاغور برانت"، لكنه بالمقابل أبقى على شراكته من الكوريين من خلال تمثيل حصري لعلامة السيارات "هيونداي" في الجزائر، كما بدأ في خوض تجارب متعددة، من بينها الدخول كشريك في متعامل الهاتف النقال "جيزي" والشروع في التحضير لإقامة جامعة خاصة متخصصة في التجارة والتسويق منذ 2013.
الصدام اللفظي مع السلطة
توسع يسعد ربراب على المستوى المحلي والدولي لم يمر بسلام، حيث بدأ الصدام في التصاعد مع بداية سنة 2010، فإلى جانب انسحابه من منتدى رؤساء المؤسسات، برزت حرب كلامية بين رجل الأعمال والسلطات العمومية ما بين 2012 و2014 بالخصوص، جاء ذلك تزامنا مع توسع ربراب في الخارج وتصريحاته المتتالية بمواجهته لعراقيل كبيرة في تجسيد مشاريع رغب في تحقيقها في الجزائر، وكان أبرز الجدالات ذلك القائم هذه الأيام بين ربراب ووزير الصناعة عبد السلام بوشوارب.
وصعّد ربراب من لهجته مرارا، متحدثا عن العراقيل التي واجهته لاسيما بخصوص مشروع رأس جنات التي رغب مسؤول "سيفيال" بتجسيده، وتضمن مركّبا للسيارات والحديد والصلب وميناء ومنشآت صناعية أخرى، لكن المشروع ظل حبيس الأدراج، ما جعل رجل الأعمال ينتقد سنوات 2010 إلى 2014 مرارا مناخ الأعمال والاستثمار في الجزائر، وجاء رد السلطات العمومية على لسان وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب منتقدا تصريحات ربراب، مشيرا في أحد تصريحاته بأنه لم يكن ليحقق رقم أعماله وأرباحه لولا دعم الدولة له، وأنه عليه ألا ينكر ذلك.
وبدا أن صعود نجم رجل الأعمال الجزائري الذي صنف ضمن أكبر الثروات من قبل دورية "فوربيس" في القارة الإفريقية بدأ يقلق دوائر في صناعة القرار، ولم يتردد ربراب في انتقاد هؤلاء الذين يعرقلون مساعي الأعمال، والذين يضعون تراخيص الاستيراد والاستثمار.
ولم يتوقف السجال في هذا المستوى، بل برز دوريا من خلال عدد من الأحداث المتصلة بسوق السكر والزيت في سنة 2011، فتارة كان الأمر يتعلق بالدعم والتسعيرة وتارة بندرة المنتوج وتارة بالاحتكار، وكان واضحا أن العلاقة بين رجل الأعمال والسلطات العمومية وصلت مستوى التصادم غير المباشر. فبينما كان ربراب ينتقد اشتراط التراخيص والبيروقراطية والتماطل في دراسة المشاريع، كان رد السلطات بأن الأمر غير ذلك، وبأنه لولا دعم الدولة لما نجح ربراب في بناء قاعدة صناعية، واستمر الأمر ذاته بعد توجه رجل الأعمال ربراب للاستثمار في الخارج بداية بإفريقيا، بعد أن اعتبر أنه غير قادر على التوسع في الجزائر، فكانت التحويلات المالية لبنك الجزائر تحول دون تجسيد العديد من المشاريع التي كان يرغب في تجسيدها رئيس "سيفيتال".
انتقل ربراب الى أوروبا عبر صفقتين الأولى تخص "أوكسو" للأثاث والثانية "فاغور برانت" الفرنسية للأجهزة الكهرومنزلية، ورغم تجسيد الصفقة في سنتي 2013 و2014، وقرار إنشاء فروع في الجزائر تلاها شراء فرع الحديد في إيطاليا "لوشيني" في بداية 2015، فإن العلاقة بين رئيس المجمّع الخاص والسلطات العمومية ظلت تتسم بالبرودة، وامتد ذلك إلى علاقة رئيس "سيفيتال" مع نظرائه في منتدى رؤساء المؤسسات الذي قرر الانسحاب منه في ماي 2014، مع الإشارة ضمنيا بوجود بعض أعضائه وراء العراقيل التي يواجهها، وقد حدث ذلك بعد أن نجح ربراب في تجسيد صفقة "فاغور برانت".
يخافون من ربراب أم من طموحه؟!
وثارت أسئلة حول ما إذا كانت طموحات الرجل هي التي أضحت تقلق بعض الدوائر الاقتصادية والسياسية، وهل أن ربراب أخذ حجما أكبر مما يجب أن يكون عليه، لاسيما وأن مشاريعه تجاوزت الحدود لتطال قارتين، مع رغبة الرجل في الانتقال إلى مرحلة جديدة من المشاريع في مناطق مثل أمريكا الشمالية واللاتينية أيضا، ومحاولة الربط بين رجل الأعمال وبعض الدوائر النافذة في صناعة القرار.
الحياة الأسرية وثقافة العمل المشترك
يسعد ربراب الذي تبني مفهوم التدرج في الصعود إلى الأعلى والنظر الى الأفق الواسع بطموح، أو كما برز في مؤلف الطيب حفصي "سعد ربراب: طموح كبير، بداية متواضعة والمضي بسرعة"، لا يتوانى على الاعتراف بفضل زوجته "جديقة"، التي تعني باللغة الأمازيغية "الزهرة" في نجاحه، ومساندته ودعمه في أصعب الأوقات، وقد لقن أبناءه الستة (أربعة أطفال وبنتين) كيف يعيشون دون إسراف وتكلف، حيث عمد إلى تدريسهم في مدارس خاصة بفرنسا وتخصصهم في مجال التسيير، ومع ذلك فقد أشركهم في رأسمال الشركة، مع تخصيص كل فرع لأحد الأبناء، من ذلك ماليك في مجال الصناعة، وسليم في التوزيع، وعمر في السيارات والعقار، ولطالما كان رجل الأعمال الجزائري معجبا بالنموذج الكوري في التسيير، وفي تبني مقاربة إحلال الواردات، كما اعتمد على مجموعة من المبادئ والمفاهيم مثل اقتناص الفرص وإيجادها وتنمية روح المبادرة. وتبقى ذكرى شقيقه الذي أعطى حياته من أجل الاستقلال راسخة في مساره ومسيرته، حيث التحق بالثورة في 1956 ليستشهد دون أن يتم العثور على جثته، وظل ذلك أكبر مأساة ضربت عائلة ربراب. 





0 commentaires:

Enregistrer un commentaire